منذ ستة سنوات، بدأت شيماء الزمر (36 عامًا) في تحقيق حلمها بتسلق الجبال، حصلت هي وشقيقتها مريم التي تشاركها نفس الهواية على دعم أسرتها وأصدقائها وانطلقت لتتسلق قمم جبلية كثيرة داخل مصر وخارجها حتى حققت انتصارًا بتسلقها أعلى قمة جبلية في العالم.

بعكس الكثيرات، لم تواجه الفتاة الثلاثينية على الإطلاق أية انتقادات تشعرها بأنها اختارت رياضة  تحتاج إلى ”رجال أقوياء“، ولم تشعر بأن المجتمع لا زال يحصر النساء في بعض الرياضات، بل رأت أنهن استطعن كسر هذه الصورة النمطية والتفوق في كل المجالات.

التقينا في مرآه بشيماء لتحكي لنا عن رحلاتها في تسلق الجبال وأبرز التحديات التي واجهتها، وتقييمها لمشاركة النساء العربيات في هذه الرياضة؛ وجهنا لها هذه الأسئلة فكانت تلك إجاباتها:

 

 

مرآه: لماذا قررتِ ممارسة رياضة تسلق الجبال دون غيرها؟

شيماء: ”وجدت أنني شغوفة بالسير لفترات طويلة وباكتشاف الجبال والطبيعة من حولي، في عام 2013 قررت تحقيق أمنيتي وبدأت أول رحلة تسلق لأستمتع بالطبيعة من جبال ووديان وشلالات طبيعية وحيوانات برية وأرى منابع المياه، استطعت أيضاً رصد النجوم في السماء من أماكن مرتفعة. منحتني هذه الرياضة توازن نفسي وجسماني، علمتني المثابرة حتى أحقق أهدافي والتأمل والشجاعة وعملت على تهذيب نفسي“.

 

ما هي القمم الجبلية التي استطعتِ الوصول إليها؟

”في ديسمبر 2015، خضت مع شقيقتي مغامرة إلى تنزانيا وصعدنا جبل ”كليمنجارو“ وهو يعد أعلى قمة جبلية بقارة أفريقيا، وفي أبريل 2019 قمنا بمغامرة أخرى إلى سلسلة جبال الهيمالايا بمدينة نيبال، سرنا لعدة أيام صعودًا لقاعدة جبل ”إفرست“ والتي ترتفع 5364 مترًا عن سطح البحر.

كان حظي جيدًا أيضاً إذ صعدت عدّة قمم جبلية داخل مصر بجنوب سيناء، وهي جبل موسى وجبل سانت كاترين وجبل عباس باشا وجبل البنات وجبل الثبت وجبل أم طراطب وجبل أم شومر وجبل الخلته وجبل سربال وجبل الطربوش بقمتيه وجبل الحويطى وجبل أبو قرون وجبل باب الدنيا.

كل جبل ممّا ذكرتهم كان له خصائصه الطبيعية المختلفة من حيث الارتفاع والطبيعة الصخرية وطريقة الوصول إليه ومدى انحداره، وكل جبل يحمل معه قصة وحكاية“. 

 

ما هي التحديات الخطيرة التي واجهتك كفتاة أثناء تسلق الجبال؟

”التحديات التي تواجهني عادةً عند تسلق الجبل تتمثل في التعامل مع الارتفاع ونسبة الانحدار وطريقة الوصول إليه، فكلما زادت صعوبة الانحدار أي ميل الجبل كلما زادت الحاجة إلى وجود لياقة بدنية وتنفس منضبط وسليم، لذا كل من يتسلق الجبال في حاجة دائمة إلى المواظبة على الرياضة والسير لفترات طويلة، وممارسة اليوجا لتعلم ضبط التنفس خاصةً أن نسبة الأكسجين تقل كثيرًا عند الوصول إلى المرتفعات العالية.

أيضاً يجب على أي متسلق أن يتأكد من جاهزية أدواته قبل البدء في الرحلة لتجنب المخاطر المختلفة خاصةً تقلبات الطقس“.

 

هل النساء أضعف من الرجال في هذه الرياضة الخطرة وفقًا لاعتبارات القوة الجسدية؟ 

”هذه الرياضة تتطلب الشجاعة والجرأة بجانب القوة الجسدية والتأهيل النفسي والمعنوي، تحتاج أيضاً إلى وجود إرادة قوية للاستمرارية فى الصعود إلى القمة وعدم الاستسلام، لذا يمكنني القول بأن القوة في هذا المجال تكتمل بتجهيز الحالة النفسية مع اللياقة الجسدية وبالتالي لا يوجد فرق بين النساء والرجال، بل إن النجاح نسبي ويتوقف على العديد من العوامل التي ليس من بينها النوع البيولوجي على الإطلاق“.

 

كم استغرقت أطول رحلة تسلق قمتِ بها؟ وما هي الاستعدادات التي تقومين بها قبل كل رحلة؟ 

”تعتبر رحلتنا إلى سلسلة جبال الهيمالايا هى الأطول كمدة زمنية، واستغرقنا عشرة أيام كاملة للنزول فقط من قاعدة جبل إفرست.

من المهم الاستعداد جيدًا قبل البدء في أي رحلة تسلق طويلة، على سبيل المثال يجب ممارسة الرياضة بشكل دوري يوميًا قبل بداية الرحلة بحوالي شهر على الأقل لاستعادة اللياقة البدنية والتأكد من عدم وجود إصابة بالجسم قد تؤدي إلى مضاعفات مستقبلية،  وتحضير أدوات التسلق اللازمة من حذاء مناسب للمهمة وشنطة الظهر المجهزة بأدوات الإسعافات الأولية، وماء كافي لفترة الصعود والسير المخطط له، لا ننسى أيضاً بعض الوجبات الخفيفة لإمداد الجسم بالطاقة وأدوات التخييم مع الحرص على ارتداء الملابس المخصصة لهذه الرياضة وتغطية الرأس والجسم جيدًا، ووضع كريم الحماية من أشعة الشمس حتى لا يحترق الجلد وأيضاً للحفاظ على الجسم من فقد نسبة المياه بداخله“.

 

هل اشتبكتِ مع التابوهات المجتمعية التي ترى تسلق الجبال رياضة غير مناسبة للفتيات؟ وأن بناء الفتاة لجسم قوي استرجالاً؟

”في رأيي هذه التابوهات المجتمعية لم تعد موجودة، في وقتنا الحالي أصبح المجتمع يشجع الفتيات على ممارسة الرياضة والتفوق في كافة المجالات العلمية والعملية، وأصبح الإعلام يركز على نماذج نجاح الفتيات في الرياضات المختلفة“.

 

هل تتكلف رحلة التسلق الطويلة مبالغ باهظة؟

”تحتاج رحلة التسلق إلى الكثير من المال للسفر والانتقال إلى وجهة المكان المراد التسلق به، ولشراء الأجهزة والأدوات اللازمة للمغامرة، بخلاف مصروفات الرحلة ذاتها“.

 

بما تنصحين الفتيات اللاتي يردن البدء في ممارسة هذه الرياضة؟

”أولاً عليكن مشاهدة بعض مقاطع الفيديو التى تتحدث عن هذه الرياضة وكيفية الاستعداد بأدوات التسلق، وكيفية التعامل في حالة المخاطر مثل تقلب حالة الطقس أو ظهور بعض الكائنات البرية الخطرة على حياة الإنسان مثل الثعبان والعقرب. ثانيًا بعد التجهيز نفسيًا لما قد تتعرضن له من مخاطر وتحديات تبدأ مرحلة التجهيز بدنيًا بممارسة الرياضة ثم تحضير أدوات التخييم. ثالثًا تأتي مرحلة التطبيق بالتدرب على المشي لمسافات طويلة على مدار يوم ثم مرة أخرى على مدار يومين، مع تسلق قمة جبلية متوسطة الارتفاع بمنحدر بسيط، وذلك حتى يستطيع العقل والجسم التأقلم مع فكرة ممارسة التسلق وفي كل مرة نزيد من صعوبة التحديات تدريجيًا“. 

 

كيف تقيمين نسبة مشاركة النساء العربيات في هذه الرياضة؟ 

”رياضة التسلق أصبح لها شعبية كبيرة بين النساء العربيات حاليًا ويوجد الكثير من النجوم اللامعة منهن في هذا المجال، كذلك الحال في معظم الرياضات التي لم تعد تقتصر فقط على الرجال بل تجتاحها النساء ويتفوقن فيها“.

 

هل شجعك أهلك على تحقيق حلمك أم واجهتِ صعوبة في إقناعهم؟

”أهلي كانوا يشجعونني باستمرار، لقد مارست من قبل الغطس والباراشوتينج والجري والسباحة والجمباز وركوب العجل بجانب رياضة التسلق بفضل تشجيعهم ودعمهم لي معنويًا، أيضاً حصلت على الدعم من أصدقائي والمتابعين لي على السوشيال ميديا وأصبحت أشعر أنني ملهمة للآخرين الذين يريدون التفوق في هذا المجال“.