المقالات الأكثر قراءة

وِرشَ الحكي: ملاذ آمن للنساء
كيف استطاعت وِرش الحكي دعم النساء؟
هدير الحضري
December 29, 2019
لم تكن مشاركة هؤلاء النساء في ورش الحكي مجرد بحث عن حائط للفضفضة، ولم يكن الهدف منها سكب الحكايات القديمة أمام رفقة من الغرباء ثم الرحيل، بل كانت على ما يبدو فرصة للتحّرر، لإعادة اكتساب الأمل ولاستعادة الذات القديمة التي نجحت الأيام الروتينية في طمس ملامحها.
بدأت فكرة ”وِرش الحكي“ تنتشر بين النساء خلال العامين الأخيرين أكثر من ذي قبل، أصبح المصطلح مألوفًا إلى حدٍ ما واستطاعت أن تحصد اهتمام كثيرات منهن بأعمار متباينة ومن طبقات اجتماعية مختلفة.
في مرآه تحدثنا مع نساء شاركن في ورش للحكي لنسألهن عن تجاربهن، هل ساعدتهم على تقبل الواقع والتحرر من سلطة الذكريات القديمة؟ أم كانت مجرّد تشارك للحكايات؟
أحكي وأحكي كأنني وحدي
”شعرت بالحاجة إلى الهروب من روتين الحياة المتكرر والضغوطات اليومية، لجأت للمشاركة في إحدى ورشات الحكي وكانت تجربة عظيمة استطعت فيها تذكر حياتي القديمة ومواقف مضى عليها الكثير من الوقت، في البداية كان المدرب يطلب منّا حكاية أي موقف نحبه أو نشعر بالحرج تجاهه ويترك لنا وقتًا كافيًا للتفكير، شاركت حكاياتي مع نساء لا أعرفهن ومع ذلك لم أشعر بالحرج، كانت فرحة استخراج الحكايات من أنفسنا تجعلنا ننسى أننا نجلس برفقة آخرين كما كنا نشجع بعضنا على استكمال الحكاية، كنت أحكي كأنني أجلس وحدي وشعرت بأنني أعيش الماضي من جديد وبأنني أمر بجلسة علاج نفسي، حقيقي يستخرج الشحنات من جسدي ويشعرني بالارتياح والسعادة، استمعت إلى حكايات كثيرة من النساء عن بيوتهن ويوم زفافهن وجيرانهن وتجاربهن، في نهاية الورشة شعرت بأنني أكثر تقبلًا لواقعي وتصالحًا معه“.
فاطمة عوض، 43
التردد طبيعي في بداية الحديث...
والنساء لهن حكايات عظيمة
”بدأت كمدرب حكي منذ عام 2007 وكان أغلب المشاركين في الورش التي أقدمها من النساء، لا أدري تحديدًا متى ظهرت فكرة ورش الحكي في مصر لكنها موجودة في أوروبا منذ زمن قديم. في تسعينات القرن الماضي كان الحكي يحدث بأشكال كثيرة دون أن يأخذ شكلاً ممنهج، مثلاً كان هناك جلسات الربابة على القهاوي الشعبية، ثم بدأ برنامج ”أبلة فضيلة“ الذي يقدّم الحكايات عبر أثير الإذاعة، وكان هناك أيضاً فرق مسرحية تقدم مشروعات حكي. الحكي بالطبع وسيلة عظيمة للعلاج إلا أنّه ليس من المنطقي أبدًا أن نطلق على أنفسنا ”معالجين“، نحن مجرد ”داعمين“ نساعد النساء المشاركات ليستطعن التعبير عن أنفسهن بشكل بسيط وتلقائي لذا هذه الورش مختلفة تمامًا عن صفوف السيكودراما لأنها لا تدّعي العلاج. في بداية كل ورشة يكون من الطبيعي تردد النساء في الحديث وإخراج ما بداخلهن وهذا يستلزم عددًا من الأمور منها ضرورة اختيار أفراد متشابهين تقريبًا في المجموعة الواحدة ولا توجد فروق كبيرة جدًا بينهم، وأيضاً بدء الورشة بعدة تدريبات تشجع النساء على الحديث وتكسر رهبتهن مع البدء بحكايات بسيطة عن الأطعمة التي يحببن تناولها أو الشارع الذي يعيشون فيه وهكذا، الهدف من هذه الورشات ليس استخراج الحكايات والطاقة فقط ولكننا نعلّمهن كيف يحكين، وكيف يصغن مشاعرهن وتجاربهن في شكل حكاية وبالفعل طوال الورش التي قمت بالتدريب فيها، قدّمت النساء حكايات عظيمة عن البيت والمدرسة والطفولة وغيرها“.
محمد عبد الفتاح حماد، مدرّب حكي ومؤسس ”بيت الحواديت“، 42
مدهشة… التفاعلية أجمل ما فيها
”نظّمت إحدى ورش الحكي ضمن مشروع تخرجي من دبلومة جامعية، كوّنت ورشة من مجموعة من النساء اللاتي يعشن في منطقة فقيرة واستهدفت فيها تحديدًا نساء تجاوزن الخمسين من العمر وكبار السن لأن هذه الفئة نادرًا ما يتم استهدافها ضمن الفعاليات الثقافية. بالنسبة لي ورش الحكي تعني ببساطة المساهمة في العلاج النفسي للشخص عن طريق الفضفضة. في البداية لم تكن النساء المشاركات يفهمن معنى الحكي، كان بعضهن يشعر بالخجل فيما أظهرت أخريات موهبة فطرية وتلقائية في الحكي بسلاسة دون تعليم، بدأ المدرّب يشرح لهن معنى ”الحدوتة“ وكيف يتضمن القرآن الكريم الكثير من الحواديت، أخذ يقنعهم بالحديث فأحببن الفكرة وتقبلنها وفوجئنا بأن هؤلاء النساء اللاتي تخطين خمسينات عمرهن لديهن مساحة حكي مدهشة ومختلفة تمامًا عن حكايات الشابات، أذكر أنه عند تقديمي للورشة قلت لهن: نحن الشباب بلا صبر، وربّما كان لديكم ابن أو ابنة لا يمكثون طويلاً لسماع حكاياتكن وأنتن بحاجة إلى الحديث فوجدت أن إحدى السيدات تهز رأسها بقوة كدلالة موافقة، أخذت النساء في رواية حكايات عن بيوتهن القديمة وألعابهن وكان من بينهن سيدة تخطّت الثمانين من عمرها وعادت بذاكرتها عشرات السنين لتروي حكايات منذ كانت طفلة صغيرة جدًا، شعرت بالمتعة وكان التفاعل يخدم الورشة ويستخرج المزيد من الحكايات. لا أستطيع الحكم بأن الورشة لها نتائج وانعكاسات مباشرة علي السيدات لكنّني شعرت بأنهن يعدن تقييم تجاربهن وهم يعدن حكايتها وبأن الحكي يجعلهن متصالحات أكثر مع حياتهن وعائلاتهن“.
رنا الجميعي، 28
الكشف عن أسراري أمام آخرين؟ صعب جدًا
”حالفني الحظ وحضرت ورشة حكي وورشة سيكودراما، أحببت كليهما ورأيت أن مهمتهما واحدة وهي مساعدتنا كنساء على الحديث. كانت الحكايات التي تخرج بالحديث أو التمثيل فيها ما يضحكنا وما يبكينا وفي النهاية نشعر بالارتياح ونتعلم من تجارب الآخرين. كانت فكرة شديدة الصعوبة أن أحكي شيء عن نفسي لأول مرة أمام آخرين لا أعرفهم وأكشف عن أسرار حياتي إلا أن ذلك اختفى تدريجيًا مع التدريب ومع خلق ارتياح نفسي بين أفراد المجموعة التي أشارك فيها ومع تشجيع المدرب لنا في بداية الكلام، هناك ذكريات أتمنى لو أحكيها مجددًا وهناك أخرى لا أريد تذكرها مرّة أخرى أو إعادة حكايتها“.
منى محمّد، 36
AddThis is disabled because of cookie consent


أحــــدث الــــــمـقـالات
خمس أسرار وددت لو عرفتها في سن الخامسة عشر
رسالة أرسلها لذاتي المراهقة... لعلها تَتَحرر مما هي فيه.
آية أحمد
سألنا نساء حضرن صفوف دعم الأمهات عن تجاربهن
”اعتادت الفتيات على تلقي النصائح في تجربة الأمومة الأولى من السيدات الكبار ولكن للأسف لا تكون معلوماتهن دائماً صحيحة
هدير الحضري
دليلك للتعامل مع دولابك المكدّس بالملابس