المقالات الأكثر قراءة

كوب من الفرح سكر زيادة
وهذه كانت تجربتي مع السرطان.
وسان عبد الحق
February 20, 2019
AddThis is disabled because of cookie consent
على الرغم من أن وقع كلمة سرطان مرعب على أغلب، وعلى الرغم من أن تجربتي مع هذا المرض كانت تجربة شديدة الإيلام في الكثير من التفاصيل، إلا أنني أحمل في جعبتي الكثير من الضحكات التي زينت تلك السنة من العلاج، بعد أن تم تشخيصي بسرطان الثدي في مرحلة مبكرة. لا تحمل كلماتي هنا أي استخفاف بهذه التجربة بل هي غض للنظر عن ما لا أرغب بأن يشكل جزء من ذاكرتي.
لقد كان وقع التشخيص شديدًا جداً، لا علي فقط بل على كل فرد من أفراد عائلتي وأصدقائي وزملائي في العمل، إلا أنني من العزم والإرادة على أن أحيا حياة مليئة بالحيوية والتفاؤل بمكان لأذكر الأوقات الفرحة فقط، والتي لم ترسم الضحكة على وجهي وحدي بل على كل من شاركني إياها:
- أذكر بأن أختي الصغيرة، قررت أن تشجعني، كما يفعل الكثيرين، بأن تقص شعرها تضامنًا معي بعد أن بدأ شعري بالسقوط، إلا أنها نسيت أن تخبر خطيبها الذي كان على سفر آنذاك بقرارها، ولتتفاجأ والدتي بسؤاله لها عن أختي ومن تكون، لصعوبة تعرفه عليها دون شعر. أصابتنا نوبة من الضحك الهستيري لدى رؤية ملامح وجهه عندما علم بأن حبيبته قد تخلت عن شعرها.
- وأذكر أنني بعد إنهاء جلسات العلاج الأولى والتي مرت بسلام دون مضاعفات بحمدالله، سادت لحظات من الصمت والوجوم بين صديقاتي اللواتي أصررن على التواجد معي يومها، ولم تقطع هذه اللحظات الجادة التي علت فيها نسبة التوتر عن الحد اللازم سوى رنة هاتف صديقتي المقربة والتي صدحت بصوت عالٍ “وبحب الناس الرايقه اللي بتضحك على طول” عندها تبددت الجدية بالضحك المتواصل.
- أما جدتي الحبيبة فقد ظنت بأن الهدية الأنسب التي ستشجعني هي كم هائل من مساحيق المكياج بألوان لم يسبق أن استعملتها قط، حتى أبدد “الشحوب” الذي بدأ باعتلاء بشرتي نتيجة العلاج. وكنت كلما زارتني أحرص على وضع الروج الأحمر مع ظلال الجفن التركوازية المذهبة.
- من الجوانب المفرحة لهذا المرض الحصول على عدد لا نهائي من الإطلالات، لا سيما عند ابتياع بواريك بكل الألوان، وهذا ما كان فقد حرصت على ابتياع 5 بواريك استعملتها وفقًا لمزاجي، فعندما كنت أشعر بأني مكتئبة كنت أرتدي الباروكة ذات الشعر الأحمر الطويل، أما إذا كنت أشعر بالنشاط والرغبة في الرقص فكنت أرتدي الشقراء. وكنت أتعمد تغييرها باستمرار حتى أنني في مرة من المرات على العشاء غيرت باروكتي 3 مرات، الأمر الذي جعل من الجرسون يسألني 3 مرات عن ما أرغب بتناوله.
- أذكر أن زملائي في العمل قاموا بطباعة باقة تشجيعية لي وقام كل منهم بطباعة ما يرغبون قوله، إلا أن أحدهم ممن استعصى عليه التعبير قام بنسخ السؤال الذي طرحه على جوجل بدلاً من الجملة التشجيعية: “ماذا تقول لمريض بالسرطان لتشجيعه”؟
- أما الذكرى التي لن أنساها أبداً فهي عندما أقامت لي عائلتي احتفالاً بمناسبة انتهاء جلسات العلاج وبدلاً من إحضار قالب الحلوى الصحيح ذهلنا بقالب مزين بعروس صغيرة وعبارة “حنقرصك بركبتك عشان نلحقك بجمعتك”، وبعد أن توقف الجميع عن الضحك لالتقاط أنفاسهم تقرر بالإجماع التهام القالب وعدم ارجاعه للمحل لاستبداله بالقالب الصحيح.
على الرغم من اللحظات المؤلمة التي لا أنكر تفاؤلي وإيجابيتي هذه صعوبتها أبداً، فقد راودتني العديد من اللحظات التي رغبت بها بالاستسلام التام، إلا أنني على يقين راسخ بأن هذه اللحظات البسيطة والتي جعلتني أضحك من أعماق روحي كانت رسائل خفية من الخالق لتذكرني بأنني أعيش هذه التجربة لأقدر أكثر، لأبحث أكثر عن الفرح، لأفخر بسنين صداقاتي وأبطالها والتي تخللتها كل أنواع التجارب، لأستخرج القوة من جحورها العميقة، ولأجعل من عيني وقلبي فلترًا يرى الجميل دون القبيح.
AddThis is disabled because of cookie consent


أحــــدث الــــــمـقـالات
خمس أسرار وددت لو عرفتها في سن الخامسة عشر
رسالة أرسلها لذاتي المراهقة... لعلها تَتَحرر مما هي فيه.
آية أحمد
سألنا نساء حضرن صفوف دعم الأمهات عن تجاربهن
”اعتادت الفتيات على تلقي النصائح في تجربة الأمومة الأولى من السيدات الكبار ولكن للأسف لا تكون معلوماتهن دائماً صحيحة
هدير الحضري
دليلك للتعامل مع دولابك المكدّس بالملابس