إيجابية، معتقدات وعادات صحية، سليمة أو ممرضة، كل ذلك ينعكس على أجسادنا إما بالسلب أو الإيجاب، فعندما ننظر للحياة من منظور أكثر بساطة، نجد أن الإنسان والأرض هما وجهان لذات العملة، من هنا نشأ مبدأ ”الطب البديل“ وتحديدًا ”الايورفيدا“ حيث تشير كلمة ايور للحياة وفيدا للعلم، فهي فلسفة تختص بكيفية تعامل الإنسان مع جسده كونه الأداة التي تساعده على الارتقاء والتطور في حياته.

عمر العلم 6 آلاف عام، ظهر في شبه القارة الهندية في ”عصر الفيداس“ وتناقلته الأجيال منذ ذلك الحين حيث كتب على شكل أبيات شعرية باللغة السنسكريتية.

الايورفيدا تركز في الغالب على ثمانية اختصاصات وهي ”الطب العام، طب الأطفال، عناية ما بعد الولادة، الأنف والأذن والحنجرة، الجراحة، الطب النفسي، الطب الجنسي، دراسة السموس وتطويل عمر الإنسان“. 

وللتعمق أكثر في مبادئ علم الحياة والعناصر القائمة عليه التقينا بخبيرة علم الايورفيدا ”سارة السيد“ - شابة في العشرينات، لها قصة مميزة مع الطب البديل سردتها لمرآه وألهمتنا في التعرف على خفايا هذا العلم وأسراره...

”قصتي مع الايورفيدا بدأت عندما عانيت من أعراض مرضية مختلفة ولم أعلم مصدرها الحقيقي واختلفت أقاويل الطب الحديث حول حالتي، سئمت الأدوية والعلاجات المختلفة المقترحة، وحينها كنت قد سمعت عن الطب البديل وقررت أن أدرسه بنفسي وأتعالج به وسافرت للهند بالفعل لمدينة كيرلا وقمت بدراسة بعض قواعد هذا العلم، واليوم أعالج الآخرين بالايورفيدا وأواصل دراستي لأتعمق بها أكثر“.

 

 

مرآه: لم سمي بعلم الحياة؟ 

سارة: ”لأنه قائم على نظرية أن كل ما خلق على وجه الأرض مكون من عناصر الحياة الخمسة وهي ”الأرض، الماء، الهواء، النار والأثير“ وبالتالي فهو يقوم بتصنيف الأمراض وفقًا لطبيعة الأجساد، ولأن الجسم والطبيعة هم تجسيد العناصر الخمسة هذه فالنار مثلًا في الجسم هي الأحماض والأنزيمات والدم، الأرض مثلًا العضلات والدهون، الهواء الجهاز العصبي والأثير الفراغات التي تساعد على الحركة وطبعًا الأمثلة كثيرة“.

 

كيف تصنف طبيعة الأجسام في علم الايورفيدا؟ 

”عمومًا نحن نولد وفي عنصر أو اثنين اكترمن البقية وفي النادر بيكونوا كلهم متوازنين، هناك أجسام فيها عنصر الهواء والأثير أكثر فنطلق على هذا النوع ”الفاتا“، جسم آخر فيه النار والماء أكثر نطلق عليه ”پيتا“  ونوع عنصر الأرض والماء أكثر فنطلق عليه ”كابا“، ويمكن أن يكون الإنسان خليط من فاتا وپيتا أوڤاتا وكابا وهكذا“. 

كيف يعالج الايورفيدا الأجساد؟ 

”هدف الايورفيدا الأساسي هو الحفاظ على الصحة وعمل صيانات دورية لها لتجنب المرض.

 المرض هو اختلال توازن العناصر في الجسم وطغيان عنصر على الآخرين أو نقص أحد العناصر، وبما أن الطبيعة تتألف من تلك العناصر فالايورفيدا تعالج بمبدأ التضاد فمثلًا شخص يعاني من أمراض عصبية، أي أن عنصر الهواء فيه اختلال، أي طبيعة الجسم أو المرض تندرج تحت تصنيف ”ڤاتا“ فنبدأ بإرشاده لتناول الأعشاب الأرضية، ونطلب منه بأن يركز على أسلوب حياة أرضي بمعنى أن يكون مسترخي في حركاته وأكله وتمارينه، ومرة أخرى الايورفيدا تهتم بالوقاية ولكن إذا استفحلت الأعراض نقوم بعمل علاجات ”الپانشاكارما“ والتي تحتاج لثلاثة أسابيع على الأقل“. 

 

هل يختلف الايورفيدا كثيرًا عن الطب الحديث وهل تؤمنين بالطب الحديث؟

”بالطبع لا غنى عن الطب الحديث، لكني أجد أن مشكلته الأساسية تكمن في كونه ينظر للمرض على أن له  صورة ثابتة في كل الأجسام التي تصاب به من ناحية الأعراض والعلاج ولا يرى الفروقات الفردية بين المرضى، بينما في علم الايورفيدا أو الطب البديل عامةً فنحن نقوم بدراسة طبيعة جسم المريض ونصنفه لنتمكن من تطبيق علاج مختلف من حالة لأخرى، ومن شخص لآخر، وإن اتفقنا فإن الاتزان والوسطية في الحياة هو القاسم المشترك في جميع علاجات الايورفيدا. أتمنى لو اتحد الطب الحديث بالطب البديل، أعتقد أن ذلك سيساهم في علاج جميع الأمراض بشكل أسرع وأسهل وأكثر شمولية حتى الأمراض المستعصية“. 

نصائح عامة من الايورفيدا لجميلات مرآه؟  

1) مبدأ لا إفراط ولا تفريط 

المعدة هي بيت الداء، لذا يجب علينا تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء، ثلث للأكل وثلث للماء وثلث فارع عكي نمنح المعدة مساحة كافية للهضم بسلاسة.

 

2) الأكل عند الجوع فقط 

ينصح علم الايورفيدا بتناول الطعام عند الشعور بالجوع، مع ضرورة الالتزام بالوجبات الثلاث وتحديدًا وجبة الغداء.

 

3) الأعشاب الطبيعية لهضم أفضل 

لزيادة فعالية الهضم ينصح الطب البديل بأخذ نصف ملعقة من الزنجبيل المطحون مع رشة ملح صخري وعصرة من اللايم، وبإمكاننا استبدالهم بملعقة من المخلل المنزلي وذلك لزيادة أحماض المعدة، ولا ينصح بذلك للأشخاص ذوي طبيعة الجسم النارية.

 

4) لتحسين الإخراج

إذا كنت تعانين من بطء وصعوبة في الإخراج، فعليك بأخذ ربع ملعقة زنجبيل مطحون مع فلفل أسود هندي قبل وبعد الأكل للمساعدة على تحسين عملية الإخراج وتنظيف الأمعاء. 

 

5) آلام الدورة الشهرية والقولون 

للأشخاص ذوي طبيعة الجسم النارية ولتقليص ألام الدورة الشهرية، ننصح بتناول شاي الايورفيدا والذي يساعد على تهدئة حرارة الجسم وتقليل التقلصات وتخفيف الشعور بالألم، مكونات الشاي: ”نصف ملعقة شاي، بذور الكزبرة، كمون، شمر“ وبإمكاننا شرب هذه الخلطة لتخفيف أوجاع القولون لكن بالاستغناء عن الكزبرة.

 

6) المساج ثم المساج ثم المساج 

ينصح به بشكل يومي وإن أمكن مرة صباحًا ومرة قبل النوم، ولكل نوعية جسم نوع زيت مختلف يتوافق معه , 

المساج مهم للرضع والحامل والأم والكبير والصغير لأنه يقوم بتنشيط الدورة الدموية وبما أن الجلد هو أكبر عضو يمتلك سرعة امتصاص عالية فالتدليك مهم للوقاية من المرض وتقوية الجسم، نستغني عن المساج في حالات اضطرابات الهضم والدورة الشهرية وإصابات الظهر، غير ذلك حتى الطفل من بعد عمر أسبوع يحتاج لمساج.

 

أخيرًا، لابد أن نفهم طبيعة أجسادنا، ما تكره وما تحب، ما يتلائم مع جهازنا الهضمي والعصبي والنفسي، وما يتنافر معهم إما بالتقصي عن الموضوع أكثر، أو زيارة مراكز الايورفيدا أو خبراء الطب البديل  لنتمكن “من توفير الراحة لكل عناصر الحياة لدينا حتى نعيش الحياة التي نرغب بالصورة التي لطالما حلمنا بها.