رسوم رافاييل ماكرون

منذ عامين، أطلق الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر تقريرًا رصد ارتفاع أرقام زواج القاصرات في 2017 لتصل إلى 118 ألف حالة زواج سنويًا، أي نحو %40 من إجمالي حالات الزواج، وفي العام الماضي قيل أن أكثر من ربع النساء المصريات قد تزوجن قبل بلوغ 18 عامًا.  

وتُعَرِف منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" (UNICEF) زواج الأطفال بأنه زواج أو اقتران غير رسمي قبل بلوغ سن 18 عامًا، وهو حقيقة واقعة بالنسبة للفتيان والفتيات، على الرغم أن الفتيات أكثر تضررًا.

وفي مرآه، أردنا أن نطرح خمسة أسئلة على طبيبة وخمسة أسئلة على محامية عن الزواج المبكر، ضمن سلسلة نقدمها لكن للتوعية بالمعلومات الأساسية حول عدّة موضوعات شائكة وتهمنا كنساء عربيات.

 

أولاً: الدكتورة مروة أبو بكر، استشاري النساء والتوليد والتجميل:

    1. ما الأضرار الصحية للزواج المبكر قبل السن المناسب؟

"إذا كان عمر الفتاة أقل من 18 عامًا، تكون عملية التبويض لديها غير منتظمة، والرحم والمنطقة التناسلية لديها لا زالت في طور النمو وبالتالي هي غير قادرة على الحمل السليم أو الولادة الطبيعية،  تكوينها الجسدي "تكوين طفلة" لم يكتمل فيه البناء العظمي، فكيف تتعرض طفلة في هذا العمر للحمل الذي يسحب فيه الجنين من جسدها المعادن والكالسيوم؟ الزواج المبكر يعني أن طفلة تربي أطفال، حتى تكوينها النفسي لم يكتمل بعد ولم تصبح امرأة ناضجة يمكنها خوض هذه التجربة وتحمل مسؤوليتها".

 

    2. ما مخاطر الحمل في هذه السن الصغيرة؟

"الحمل في سن صغيرة يجعل الطفلة عرضة لارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل أو الإصابة بسُكَر الحمل، كما أنها معرضة لزيادة فرص الإجهاض، إضافةً إلى الضعف العام في الجسم والأنيميا وضعف الكالسيوم".

 

    3. هل تعاني الفتاة الصغيرة من مخاطر أكبر أثناء الولادة؟

"نعم، لأن الرحم لديها صغير والمنطقة التناسلية غير مكتملة، وبالتالي تعاني من صعوبات كبيرة في الولادة، أو قد يحدث لها تهتك في هذه المنطقة".

 

    4. هل يمكن أن تحدث مضاعفات صحية على المدى الطويل؟ 

"على المدى الطويل ومع زيادة عدد مرات الحمل والولادة، تُصاب الفتاة بالضعف العام لأن جسدها فقد كمية كبيرة من تكويناته الأساسية من المعادن والكالسيوم، وتعاني من مشكلات صحية كثيرة وتكون غير قادرة على تربية هؤلاء الأطفال".

 

    5. هل يمكن أن يؤدي الزواج المبكر إلى تشوه الأجنة؟

"إذا كانت الأم تعاني من الضعف العام فإن الجنين يتأثر ويكون معرض للولادة بحجم صغير أو الإصابة بضعف في النمو، وقد يصاب بأمراض وراثية لأن الأم صغيرة وجسدها غير مكتمل".

 

ثانيًا: المحامية هبة عادل، رئيس مجلس أمناء مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة:

    1. هل يجرم القانون الزواج المبكر؟

"زواج الطفلات يعني زواج الفتيات في عمر يقل عن 18 عامًا، وللأسف الشديد هو غير مجرم في القانون، ولكن فقط ورد نص في قانون الطفل يمنع توثيق وثيقة زواج لأي طفل تحت هذا السن لأنه اعتمد الطفولة حتى 18 عامًا. لذا للأسف لا توجد عقوبة، ولا يوجد نص بالقانون الجنائي يقول إن الزواج المبكر أو زواج الطفلات يمثل جريمة، لكن الجريمة فقط للمأذون الذي يقوم بالتزوير في سن الفتاة أو يضع سن غير حقيقي في "شهادة التسنين"، وهي شهادة تستخرج لمن لم يتم تسجيلهم عند الولادة، فإذًا يكون التجريم تحت جريمة أخرى وهي "التزوير" وليس الإضرار بطفلة بالزواج المبكر".

 

    2. إذًا كيف تضمن الأسرة حقوق الفتاة مع عدم توثيق الزواج؟

"هناك طرق مختلفة من التعامل مع الزيجات التي تتم في هذه السن المبكرة، منها مثلًا "زواج وصل الأمانة" فيكتب الزوج "إيصال مالي" ويحمله شخص يختارونه كضمان حتى تتم الفتاة السن القانوني ويتم توثيق الزواج، أو يشارك بعض المأذونين في الاحتيال فيكون مع المأذون "دفتر غير رسمي" يسجل فيه الزيجات ولا يذهب به إلى المحكمة للتوثيق منتظرًا بلوغ الزوجة السن الرسمي، بذلك تصبح الزيجة مرتبطة بمجرد ورقة إذا تم التخلص منها فلا يوجد إثبات لإتمام الزيجة".

 

    3. ما المشكلات القانونية التي تواجهها الفتاة التي تزوجت مبكرًا؟

"مشكلات لا نهائية وأغلب هذه الزيجات تنتهي سريعًا، فيقوم الزوج بالانفصال وتقطيع الورقة، أو يذهب للحصول على الإيصال المالي من الشخص المؤتمن عليه مقابل مبلغ مالي، ولو نتج أطفال عن الزواج يكون هناك صعوبة في نسبهم للأب ويعانون من التسجيل وصعوبة الالتحاق بالمدارس والحصول على التطعيمات الصحية. بهذا الشكل تنغرس الطفلة في دائرة لا نهائية من المعاناة، وتصبح الأسرة التي تتخلص من ابنتها بالزواج محملةً بأعباء أكبر بعد انفصالها، طبعًا بجانب تأثر الصحة الجسدية للطفلة".

 

    4. ما هي المطالبات الحقوقية الخاصة بالتصدي لزواج الطفلات؟

"المطالبات الحقوقية الآن كثيفة جدًا بوجود تجريم واضح لزواج الطفلات في القانون، وهناك حملة كبيرة شارك فيها المجلس القومي للمرأة تحت مسمى "مش قبل 18"، وهي حملة إقليمية على مستوى عدة دول وانضمت مصر لها مؤخرًا، والمفترض أن تكون هناك عقوبات رادعة وعادلة لزواج الطفلات بسبب مخاطره الجسيمة، كما يجب أن تشمل العقوبة المأذون وأي من يتسبب في هذا الزواج مثل المحامي أو العمدة. وكانت لجان الحماية التابعة للمجلس القومي للأمومة والطفولة في الفترة الأخيرة نشيطة وتدخلت في عدة وقائع لخطوبة أطفال، واتخذ المجلس تعهدات على الأهل بعدم تزويجهم قبل 18 عامًا.

وهناك مشروع قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة لم تتم مناقشته بعد من قبل البرلمان، ومن ضمن بنوده النص على تجريم زواج الطفلات". 

في السياق نفسه، نحن شركاء في حملة "Zero Violence" وهي حملة عالمية تعمل عليها المبادرة الأوروبية وتضم أكثر من دولة عربية، ومن ضمن الملفات التي نعمل عليها الزواج المبكر في أكثر من دولة، كما انطلقت حملة "لا لتزويج العرائس" من لبنان، وانطلقت حملات مشابهة في الأردن، وعموما تختلف نسب هذه الظاهرة من دولة لأخرى.

 

    5. هل حدث وأن لجأت فتيات للقانون للحماية من رغبة أهلها في تزويجها قبل السن القانوني؟

"للأسف الشديد لم يحدث حتى الآن لأنه لا توجد حماية قانونية ولا نص قانوني يعتبره جريمة، سيعتد القانون بالبلاغات التي بها وقائع تعرض للخطر أو الموت أو مثلًا حدوث عاهة مستديمة أو تشوه كنتيجة لهذا الزواج، ولكن ليس جُرم الزواج في حد ذاته. أما بالنسبة للمأذون، يمكن الإبلاغ ضده تحت جريمة التزوير في السن أو صنع "شهادة تسنين" مزورة، أو المطالبة بالتفتيش على المأذون لأنه يخفي دفاتر زواج ولا يقوم بتسجيلها".