المقالات الأكثر قراءة

مقابلة مع المخرجة السعودية مرام طيبه
Article Details
مقابلة مع المخرجة السعودية مرام طيبه
نحن بحاجة ماسة إلى التوعية، و في مجال السينما تحديداً.
يارا برعي
September 4, 2018
AddThis is disabled because of cookie consent
“ذوي الاحتياجات الخاصة؟ هل كل ما يحتاجه هو كرسي متحرك؟”
إجابة هذا السؤال بنعم قد تعكس عدم الوعي الكامل للعالم بمشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة و المجتمعات الغير مستعدة لخدمة و التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة في المناطق العامة كما يجب. فعلى ما يبدو أن عامة الناس غير ملمين بطبيعة الإعاقات المختلفة وبذلك يتعاملون معهم جميعاً بنفس الطريقة؛ طريقة فيها الكثير من السلبية عن الإيجابية.
وما الذي يحتاجونه؟ هل يحتاجون إلى كرسي متحرك فقط؟ أم يحتاجون إلى اهتمام حيوي يأتي أولاً و أخيراً من فهم المجتمع لطبيعة هذه الإعاقات الجسدية و اختلافها؟
ولكن تغير المفهوم و النظرة العامة إلى هذه الفئة من الشعب مع تطور منطقتنا بالتحديد. وأولى خطوات التغيير هو تصدير قانون في دولة الإمارات العربية المتحدة بتلقيبهم بأصحاب الهمم، لضمان حقوقهم و وتوفير جميع الخدمات لهم “في حدود قدراتهم وإمكاناتهم الجسدية، أو الحسية، أو العقلية، أو التواصلية، أو التعليمية، أو النفسية، إلى المدى الذي يسمح بإمكانية تلبية متطلباته العادية نظرائهم من غير ذوي الاحتياجات الخاصة؛ وتأمين المعيشة الكريمة لهم”. قد يظن البعض أن هذا المسمى الجديد لن يحدث فرقاً كبيراً، إنما هو عامل نفسي بتأثير إيجابي، وتكريم لإنسانيتهم.
وهناك أيضاً مجهودات في الساحة الفنية لدعم أصحاب الهمم دعماً معنوياً و تثقيفياً، فتقدمت المخرجة السعودية مرام طيبه بإخراج فيلم تسجيلي عن قصة حقيقية عن أحدهم، و هو يكون شقيقها. ويتحدث الفيلم عن واقعة حدثت له في بلد غريب عنه و طرحت الفكرة بطريقة مبدعة و مؤثرة، سواء كان ذلك في الآداء أو الموسيقى التصويرية، سلطت فيه الضوء على ما تعانيه هذه الفئة من المجتمع في واقع الحياة و الذي لا نكترث له كثيراً كونه لا يمسنا شخصياً. حيث يطرح الفيلم تساؤل إذا حاولوا أن يعيشوا بصورة “طبيعية”، و هذا بالطبع من حقهم، إلا أنهم لن يستطيعوا؛ أو بالأحرى، لن يُسمح لهم لأن المجتمع لا يفهمهم. المجتمع يختار الناس الأصحاء و السالمين لاستسهال التعامل معهم و غير مستعد للتعاطف مع ذوي الاحتياجات الخاصة بصفة عامة.
أُخرج الفيلم بإتقان و الدليل على ذلك إنجازه الغير مسبوق في المملكة العربية السعودية، حيث أن مرام كانت من أصل تسعة مخرجين سعوديين الذين تم ترشيح أفلامهم القصيرة من قبل المجلس السعودي للأفلام لهذا العام مما أدى إلى مشاركتهم لأول مرة في مهرجان كان السينمائي الدولي ال71 في مايو الماضي.
دعونا الآن نتعرف على المخرجة و كيف حققت هذا النجاح وسط التغيرات الجذرية الطارئة على المجتمع السعودي، و كيف استطاعت توصيل تلك الرسالة الإنسانية للمجتمع العربي و العالمي بصفة عامة و إبراز هذه المشاكل بشكل يدفع المجتمع للتعمق بصورة أكبر على هذه الفئة و التعامل معهم بنوع من الرحمة و التفاهم.
مرآه: ما الذي جعلك تحترفي مهنة الإخراج السينمائي؟
مرام: لا أستطيع أن أتذكر مشهداً محدداً الذي أنبت فيّ شغف صناعة أفلام، لإنها عملية تراكمية على مر السنين، شاهدت فيها أفلام لا حصر لها ومقاطع ما وراء الكواليس، لكن كانت أولى ذكرياتي السينمائية هي فك سمكة القرش الدموي على الشاشة الفضية، كنت في الثالثة أو الرابعة من عمري، فلابد أنه كان Jaws!
لطالما كنت كاتبة خيال، لكن عندما شاركت في دورة تدريبية لكتابة السيناريو عبر الإنترنت، أضيئت لمبة قوية جداً فوق رأسي كما يقولون، و منذ ذلك الحين لم أفكر في مدى استحالة الفكرة، فذهبت إلى الأمام وقررت دراسة إنتاج الأفلام في جامعة بوسطن. سعدت جداً لكوني قادرة على مواصلة صناعة الأفلام الآن خاصةً أنها لم تكن خياراً هنا في السعودية، ووقعت في حب سير العملية. اخترت هذه المنصة لتسليم رسالتي لأن السينما شاعرية وقوية، فهي تجمع ما بين عالمي الفن البصري والكتابي.
ما هو مصدر إلهامك؟
بشكل عام، أنا أحب أن أنتبه و أدون لحظات عابرة؛ لحظات إنسانية بسيطة، تجد طريقها في أعمالي. أحب أن أراقب الناس أيضاً؛ كيف يتحركون ويتحدثون ويستجيبون. لقد أخبرني أحد زملائي المخرجين ذات مرة أن عملي يترك مساحة للحظات صمت من الشخصية وأعتقد أن هذا صحيح. أعتقد أنه يجب احترام الصمت والسكون في خضم موقف أو حركة ثقيلة.
حدثيني أكثر عن واقع “Don’t Go Too Far”.
تستند شخصية القصة إلى أخي الأكبر الذي يعاني من إعاقة عقلية. لقد كان أكبر خوفي لي أن أضعه في مترو الأنفاق لأنه لا يستطيع أن يعتني بنفسه وكان دائماً ما يعتمد علينا. و لقد فقدناه ذات مرة بالفعل في مصعد مركزٍ تجاري، و أصابني بالذعر وشعرت بالغثيان. لذلك قررت أن أصنع فيلماً عن ذلك لأن جزءاً مني أراد أن يعرف كيف ستكون ردة فعله، وسواء كان سيبقى على ما يرام أم لا. أطرح سؤال: إذا وقع أحد مثل أخي، عنده نفس الإعاقة، في ذلك الموقف، كيف سيتصرف؟ هل سيستطيع أن يساعد نفسه؟
خطرت لي الفكرة عندما كنت في بوسطن وكان في رعايتي. كنت مرعوبة من حدوث ذلك في مترو الأنفاق. خططت للقيام بهذا الفيلم لأطروحتي “thesis” كطالبة سينما ولكن لم يكن لدي الشجاعة وقتها، وأنا مسرورة أني انتظرت.
ما هي الصعوبات التي واجهتها في البداية؟
من التحديات التي أواجهها بصفة عامة هي انغلاق الكُتّاب (writer’s block) ؛ أو عندما تصدمني الكثير من الأفكار الجديدة كلها في آن واحد؛ و أخيراً العثور على المواهب المدربة جيداً وخاصةً بين السيدات. إنما التحديات التي واجهتها أثناء تصويري ل”لا تروح بعيد” هي أولاً العثور على ممثل يستطيع أن يجسد أخي، الشخصية الرئيسية، كما يجب، وكنت متشككة في البداية من وجود شخص يستطيع أن يقلد شخصيته ولكن حكيم جمعة قام بعمل رائع وكان مطابقاً تماماً له!
ثانياً، بما أن تمويل المشروع كان تمويل جزئي من شركة إنجاز في دبي، لم تكن الميزانية التي جمعناها كافية لتحقيق هدفنا فاضطررنا لأن نحصر التصوير في خلال ثلاثة أيام فقط. كما أن شرطة نيويورك سمحت لنا بساعتين فقط لتصوير مشهد مترو الأنفاق… فلكِ أن تتخيلي نيويورك بحركتها و زحمتها، وعدد المرات و الساعات المنتظرة التي عاودنا فيها تصوير لقطة خروجه من القطار و ركوبه مجدداً و رجوعه إلى المحطة. التزامنا بالوقت المحدد كان في حد ذاته معجزة.
كيف كان تفاعل المشاهدين تجاه الفيلم حتى الآن؟
أشعر بالتواضع من التعاطف الذي أثاره الفيلم في الناس، سواءً من عائلتي أو من الجمهور في مجتمعنا. لقد كان عرض هذا الفيلم تجربة مؤثرة للغاية. أيضاً، كان فيه الكثير من الشفاء لي لأن الفيلم عالج الكثير من النضال الذي واجهته عائلتي أثناء رعاية أخي.
هل سبق لكِ أن واجهتِ عدم تقدير و تقليل من الشأن من قبل شركات الإنتاج أو طاقم العمل؟
لم أواجه التنمر أو التمييز الجنسي، ولله الحمد، فقد حظيت بالعمل مع أشخاص مدهشين في مواقع تصويري.
أيضاً أنا لا ألزم نفسي بالتنمر أو قلة الاحترام سواء كانت موجهة إليّ أو إلى شخص من حولي، لكنه يصعب أحياناً التصدي ومواجهة تلك المواقف، خصوصاً إذا لم نتربى على القيام بذلك، ولذلك نحن بحاجة ماسة إلى التوعية، و في مجال السينما تحديداً. فغالباً ما يبرر ذلك بعذر “فنانون تحت الضغط” لإساءة معاملة الناس والعمال. لقد تعلمت من خلال خبرتي أن أختار بعناية مع من أعمل، سواء كنت مديرة أختار فريقي أو إذا كنت أحد أفراد الطاقم أختار المدير الذي سأعمل معه. فأنا أهتم أكثر بنشر البهجة والحضور والتدفق الصحي، على أن أقلل من إحساسي أو أن أضطر إلى تحمل المضايقات مهما كان المشروع سيبدو جيداً في سيرتي الذاتية.
يشعر الكثير من الناس بالارتياب بسبب التغيير المفاجئ الذي يخص بعض القوانين ونساء السعودية؛ ما هو شعورك تجاه تغيير وجه المرأة في المجتمع السعودي؟
رفع الحظر عن صالات السينما قد يحفز الطامحات لأن يصبحن مخرجي أفلام و قد يجعلنها مهنتهن الدائمة. فدائماً ما كانت النساء السعوديات شرسات و متمكنات، ولكن وسائل الإعلام لا تستوعب ذلك و ترفض أن تصدقه حيث أنها تركز بشكل كبير على تسليط الضوء على الصعوبات التي واجهناها فقط. نحن جميعاً مسؤولون عن تغيير الأمور للأفضل و جميعنا جزء من هذا التطور الذي يحدث اليوم، لذلك علينا أن نقضي على المفاهيم الخاطئة بالنساء التي تدعي أننا لا يمكننا سوى رواية قصص عن النساء، أو إخراج قضايا نسائية فقط.
ما الذي يفتقده المشهد السينمائي العربي حالياً؟
إن تعليم صناعة الأفلام في دول الخليج في تقدم ملحوظ، وربما الآن بمعدل أسرع. لكنني أود أن يكون التركيز على كتابة السيناريو أولاً لأنه لا يوجد عمل سينمائي ناجح بدون نصٍ إبداعي. ثانياً، آمل حقاً أن تبدأ المدارس الدرامية بالافتتاح لأنني أود أن أرى أداءً تمثيلياً مطوراً بشكل كبير عن الآن. أعتقد أن هذا سيخلق تياراً جيداً من النشاط التجاري و سيحفز الناس على تعلم ممارسات أفضل وأكثر احترافية للمحافظة على استمرار الإنتاج.
لذلك أنصح المخرجات المبتدئات بأن يتعلمن من التجربة و من الأفضل في المجال، السينما موجودة منذ أكثر من مائة عام ولسنا بحاجة لإعادة اختراع أو تطوير عمل قد تم اختراعه بنجاح من قبل. أخرجي وتعلمي كيفية كتابة سيناريو جيد والتمثيل بجدارة؛ تعلمي كيف توصلين قصة بصرية قوية. بعد أن تتعلمي، ابتكري.
بمن تقتادين في مجال الإخراج أو غيره ولماذا؟
لدي الكثير! ليس لدي نموذج واحد محدد، فأنا أحب العديد من الفنانين لجوانب مختلفة من أعمالهم. بالأخص: وودي ألن لحواره، جو رايت لشاعريته في رواية قصة بصرية، وأخيراً ترسيم سينغ، وهو المفضل لدي لعمله الممتاز على فيلم “The Fall” ؛ هو أيضاً قدوة لي خصيصاً في التعامل مع الممثلين الأطفال.
إذا أتيحت لك فرصة تحويل رواية إلى فيلم، ماهي الرواية ولماذا؟
A Tale of Two Cities””! لا أستطيع أن أصدق أنه لم يتم تحويله من قبل هوليوود حتى الآن (أنا لا أحسب النسخة السوداء والبيضاء في الثلاثينيات). قرأت الرواية في الصف السادس، ووجدت شرح تشارلز ديكنز عن الثورات والطغيان والظلم مثيراً للقشعريرة، ولا زلت أفعل. أعتقد أنه لربما كان مخرج سينما إذا عاش في عصرنا هذا، لأنه يمتلك ميلاً إلى البصريات والأصوات في كتاباته عامة.
AddThis is disabled because of cookie consent


أحــــدث الــــــمـقـالات
خمس أسرار وددت لو عرفتها في سن الخامسة عشر
رسالة أرسلها لذاتي المراهقة... لعلها تَتَحرر مما هي فيه.
آية أحمد
سألنا نساء حضرن صفوف دعم الأمهات عن تجاربهن
”اعتادت الفتيات على تلقي النصائح في تجربة الأمومة الأولى من السيدات الكبار ولكن للأسف لا تكون معلوماتهن دائماً صحيحة
هدير الحضري
دليلك للتعامل مع دولابك المكدّس بالملابس