المقالات الأكثر قراءة

كيف تتعامل مع فتاة تكره الطهي من وجهة نظرها
Article Details
كيف تتعامل مع فتاة تكره الطهي من وجهة نظرها
لستُ فاشلة، أنت الذي تحصرني في المطبخ.
هدير الحضري
March 2, 2020
”أكره الطهي وأراه فكرة سخيفة ومعقّدة للغاية“، بهذه البساطة يمكن وصف علاقتي بالمطبخ الذي يراه المجتمع المملكة الوحيدة للنساء، ووظيفتهن الأساسية، ومكانهن الأول والأخير.
في السنوات الأخيرة بدأ الجيل الجديد من الفتيات يفرض سطوته الخاصة على أنواع الطعام الذي يتم طهوه، تراجعت بشكل ملفت المأكولات التي تحتاج وقتًا طويلاً لإعدادها مثل المحاشي المصرية على سبيل المثال، واتجهت النساء أكثر إلى إعداد الأطباق سهلة التحضير كنتيجة طبيعية للسرعة الجهنمية التي أصابت وتيرة الحياة الحديثة، وبرغم كل ذلك لا زال موقفي العدائي تجاه الطهي غريبًا للكثيرين فلا أحد سيتقبل فكرة وجود امرأة تتعامل مع المطبخ بهذا الرفض.
لم أنجح أبدًا في النظر إلى الطعام كشيء مقدّس وغاية تستحق بذل الكثير من الجهد لأجلها، فشلت محاولات من حولي في إجباري على عدم رؤيته كمهمة ثانوية، لذا من فضلك لا بد أن تعرف كيف تتعامل مع فتاة لا تحب الطهي.
لستُ فاشلة، أنت الذي تحصرني في المطبخ
لمجرد أنني امرأة عربية لا تجيد الطهي - وبالأخص متزوجة - فعادةً ما أواجه نظرات التعجب الصامتة التي تنقلب بعد قليل إلى نظرات اتهام بالفشل، لماذا في جلسات العائلة يدور الحديث دائماً معي عن الطعام الذي أتقن صنعه، وعن شرح وصفات جديدة للأطباق؟ فيما يتطرق الحديث نادرًا إلى عملي وهواياتي وأفكاري وتطلعي المهني، وتأتي المرحلة الأسوأ حين أتعرف على ضيوف جدد ليصبح سؤال ”بتعرفي تطبخي ولا لأ؟“ ركنًا أساسيًا في التعارف.
ببساطة، إعداد الطعام بالنسبة لي مجرد وسيلة ليساعد الإنسان نفسه على استمرار الحياة، لذا سألت نفسي كثيًرا، لماذا تكون إجادتي للطهي من عدمها المعيار الأهم للتأشير علي بالنجاح أو الفشل؟ هل هذا الذنب لمجرد كوني فتاة؟ ولماذا ترى السيدات الكبار في العائلة أن كونك فتاة بلا عمل وبلا تطلع مهني أمرًا عاديًا لكن بلا تفوق في إعداد الطعام كارثة؟
فلانة متفوقة في الطهي؟ أمرًا لا يدعو للتباهي، تصوّر؟
حين تتباهى أمامي بأن فلانة استضافت عشرين شخصًا على الغداء وصنعت خمسة وأربعين صنفًا من الطعام لا يتحرك في قلبي ذرة انبهار واحدة ولا أشعر بالغيرة، الأمر برمته غير مهم، ببساطة فلانة تحب الطهي فأنا سعيدة لأجلها لأنها تتفوق في شيء تحبه أما أنا فلا جدوى من المحاولات القسرية معي لأبقى فقط داخل القالب الذي تريده أنت ولا تستطيع تصور غيره.
قضاء ساعات في إعداد وجبة طعام؟ مستحيل
أرجوك لا تتعامل معي بمبدأ النصائح الجاهزة لأنني سأمت منها، دائماً أسمع عبارات مثل ”تعلّمي وسيصبح الطهي سهلًا“، ”اسألي والدتك أو شاهدي قنوات الطهي“، الأمر بالنسبة لي مرفوض من بابه وفكرة قضاء ساعات في إعداد وجبة طعام يلتهمها الأشخاص في خمسة دقائق أمرًا شديد السخافة، لن تتخيل أيضاً أن أي وجبة طعام يستغرق تحضيرها أكثر من نصف ساعة من المستحيل أن أفكّر فيها، وأنني قد أصاب بالجنون لو قررت تعليمي صنع ”حلّة محشي“ أو أي وصفة طعام يمر إعدادها بعدّة مراحل.
لست كسولة... الطهي الطويل إضاعة للوقت
لا تسرع بالحكم عليّ بأنني كسولة وأخشى التعب، فقط أشعر بأن الوقت أكثر قيمة من إضاعته في الطهي، حين أدخل مطبخي وأبدأ في إعداد الطعام أفكر أن هذا الوقت كان يمكن توفيره لأنجز العمل المتأخر، لأقرأ كتابًا أو حتى أقابل أصدقائي وأجلس مع طفلي، أشعر بأن ما أصنعه بلا فائدة وبأن قيمته مهدرة، وأشعر بالرعب من فكرة روتين يومي يصبح فيه إعداد الطعام مهمتي الأساسية وما عداه مهمات أخرى تليها في الأولوية والأهمية.
الطعام الذي أصنعه معجزة؟ نعم ولا تقلل من ذلك
يجب أن تعرف أن صنع طبقًا من الأرز الجيد مع الدجاج المشوي وبعض السلطة الخضراء يعد إنجازًا عظيمًا لي حتى لو كان الأمر برمته لم يستغرق سوى ساعة في إعداده، أضطر إلى الطهي لأنني أشعر بالقلق تجاه الطعام المصنوع بالمطاعم ولأنني أحتاج إلى طعام صحي مصنوع بأمان في المنزل ويحافظ على وزني، إضافةً لذلك لن تتحمل ميزانيتي المالية تناول الطعام الجاهز بشكل دوري، لكن هذا لا يعني على الإطلاق أنني سأتفنن في صنع الطعام الرائع، لا أمتلك سوى هذا القدر الضئيل من الطاقة الذي يكفي لصنع هذا الطعام المتواضع الذي تراه أنت لا يستحق الاهتمام فمن فضلك لا تقلّل من هذا الإنجاز.
لا تشعر بالشفقة على زوجي
كثيرًا ما يدور بيني وبين زملائي من الرجال مناقشات حول طهي الطعام والمهام المنزلية، ولأن أغلبهم يراه بالضرورة مهمّة الزوجة وحدها فإن تفكيري كان يمثل لهم ”صدمة حقيقية“، وعلى الفور أسمع عبارات مثل ”أومال أنا متجوز ليه؟“، ”الله يكون في عون جوزك“.
سأمنا من الردود الجاهزة
إذا أردت السخرية منّي لأنني لا أحب الطهي فحاول على الأقل ألاّ تستخدم الردود المعلّبة لأنها تبدو سخيفة، كأن تقول ”بس أكيد بتعرفي تعملي شاي“، ”انتي متدلعة“، ”وهي مامتك ليه معلمتكيش؟“، وبالطبع الجملة الأكثر شهرة على الإطلاق: ”أومال هتتجوزي وتبقي ست بيت ازاي؟“.
تداول النكات حول أطعمة الجيل الجديد غير عادلة
هل فكرت في أن النكات المنهمرة حول فشل الجيل الجديد في إعداد الطعام الذي تصنعه الأمهات القديمات ليس عادلًا؟ حاول أن تكون منطقيًا في المقارنة وانظر إلى كم الأعباء التي تتحملها أمهات اليوم والتي تجبرهن على اللجوء إلى صنع الأطعمة سريعة التحضير لا تستغرق نهارًا كاملًا لإنجازها، التوسع العمراني والمسافات الطويلة بين المنزل وأماكن العمل، واضطرار غالبية النساء حاليًا إلى العمل في وظائف لساعات طويلة، كلها عوامل جعلت من الوقت غير متاح وساهمت في خلق عادات اجتماعية جديدة بالضرورة مثل قلة التجمعات العائلية والعزلة المجتمعية وبالطبع نوعية الطعام الذي تتناوله أغلبية العائلات، لا تنسى أيضاً أن الجيل الجديد وُلد وعاش في عصر الانفتاح الذي منح الفرصة للفتيات لتعلم عشرات المهارات المختلفة ولم يعد الأمر مقتصرًا على مهارة الطهي كما كان يحدث قديمًا.
إلى أصدقائي: لا إضافات إلى مجموعات الطهي... يكفي ذلك
لا تكف صديقاتي عن إضافتي إلى مجموعات صنع الطعام والحلوى على الفيسبوك، في الحقيقة أتصفح هذه المجموعات وأنا أقف على بابها وعلى وجهي علامات البلاهة، أنظر إلى المكونات الطويلة لهذا الطعام وأقول لنفسي ”حقًا؟ من أين أتوا بالوقت والصبر لمزج هذه المكونات لإعداد وصفة طعام“؟ ثم أغادر لا إراديًا وأتجه إلى مطبخي لأصنع طعامي المعتاد الذي يستغرق عشرة دقائق.
AddThis is disabled because of cookie consent


أحــــدث الــــــمـقـالات
خمس أسرار وددت لو عرفتها في سن الخامسة عشر
رسالة أرسلها لذاتي المراهقة... لعلها تَتَحرر مما هي فيه.
آية أحمد
سألنا نساء حضرن صفوف دعم الأمهات عن تجاربهن
”اعتادت الفتيات على تلقي النصائح في تجربة الأمومة الأولى من السيدات الكبار ولكن للأسف لا تكون معلوماتهن دائماً صحيحة
هدير الحضري
دليلك للتعامل مع دولابك المكدّس بالملابس