المقالات الأكثر قراءة

تجربتي مع دراسة تصميم الأزياء
من الجانب الغير مستغل من الصناعة...
ناتالي سعد
December 31, 2018
AddThis is disabled because of cookie consent
الأزياء بالنسبة لي هي شكل من أشكال الفن. عندما يذهب الناس إلى المعارض والمتاحف، يتركون أنفسهم يتجولون في الأعمال الفنية، يشعرون بعواطف مختلفة ويحاولون فهم الرسالة وراء الفن المعروض. الموضة في رأيي تعطي الشخص القدرة على ارتداء قطعة فنية ليكون جزءاً من رسالة جماعية. وهذا هو ما أثار اهتمامي، حقيقة أنه يمكنني التأثير على مزاج شخص ما أو ثقته في نفسه عن طريق تصميماتي، وحقيقة أن شخصاً ما سيرتدي فكرتي ورسالتي ويشاركني رؤيتي.
وهذا ما قادني إلى دراسة تصميم الأزياء في الجامعة اللبنانية الأمريكية. عند دخول البرنامج، لم أكن أعلم ماذا أتوقع. كنت أعرف أنني جزء من أول دفعة ستتخرج وأن برنامج الأزياء كان بالتعاون مع كلية لندن للأزياء وإيلي صعب. كنت أخاطر على كل المستويات، أولاً عن طريق اختيار تصميم الأزياء كمجال تخصصي وثانياً عن طريق اختياري عدم الدراسة في عاصمة من عواصم الموضة مثل لندن أو ميلانو وبدلاً من ذلك الدراسة في بيروت في برنامج تم إنشاؤه حديثا.
هناك أيضاً قلق متلازم في العقل الباطن لدى كل طالب أزياء وهو مدى صعوبة هذه الصناعة. في عامنا الثاني كان علينا أن نُكمل فترة التدريب. سافرت إلى (بروكسل) و تدربت لدى ماركة أزياء شابة، وحتى ذلك الوقت كنت قد درست الموضة نظرياً فقط ولكن الآن كنت أواجه النضالات الحقيقية لدى علامة تجارية حديثة. هذا التدريب أظهر لي أن وراء تلك الملابس الرائعة توجد عملية صعبة ومتعبة. مصمم الأزياء يواجه صعوبات في إنشاء مجموعة ناجحة ولكن في الوقت نفسه صعوبة في الحصول على تقدير لعمله والعثور على المشترين المناسبين وعلى شخص ينشر عمله. بالإجمال أدركت كم هي مهنة متطلبة وصعبة، ومن ناحية أخرى، عززت هذه التجربة رغبتي في الحصول على العلامة التجارية الخاصة بي على الرغم من الصراعات.
صناعة الموضة قاسية ومتطلبة وقد لا تبدو كذلك من الخارج، فهناك العديد من المواعيد النهائية الصارمة، ومطلوب منك الإتقان في كل منعطف، فعلى سبيل المثال، خلال السنة الأخيرة كان علينا أن نقدم مجموعتنا النهائية أمام هيئة المحلفين التي شملت إيلي صعب.

مجموعتي تألفت من 9 أزياء باستخدام 28 قطعة ملابس. أحد هذه الملابس كان معطفا معقداً جداً مع قماش ثلاثي الأبعاد على ظهره يتكون من خطوط متداخلة ظهرت على سطح القماش، ولصنع هذا الشكل كان عليّ أن ألوي وأخيط الخيوط المعدنية في مترين من الصوف وذلك الأمر استغرق يومين للقيام به وبعد ذلك كان عليّ أن أغسل القماش وأنزع الخيوط المعدنية لصنع الشكل الثلاثي الأبعاد. استغرقت العملية كلها حوالي أسبوع وخلال ذلك الوقت كنت أعمل على قطع أخرى أيضاً. عندما عرضته على هيئة المحلفين، أحد الرؤساء اعتقد بأنه كان يمكن أن يُصنع بشكل أفضل.
ثم تم تفكيك الملابس تماما وكان عليّ أن أجد طريقة أخرى لصنع نفس التأثير ولكن هذه المرة في يوم واحد! وبالفعل فعلت ذلك وتمكنت من إكمال أعمالي الأخرى أيضاً ولكن بعد عرضي الثاني الذي نجح بالفعل، وانتهى بي الأمر بأنني فقدت صوتي لمدة إسبوع بسبب الضغط النفسي الذي مررت به. تعلمت أنه في صناعة الأزياء عليك أن تكون دائما على استعداد للتسليم مهما كان.
ومع ذلك فإن ما يضيف إلى الصراع هو الصورة النمطية للمجتمع عن الموضة، فبالنسبة لي كمصممة أزياء في بيروت، أدركت أن عددا لا بأس به من الناس لا يقدرون التقنية الكامنة وراء إنشاء مجموعة ولا يدركون كل الأعباء والتكاليف والعمل الشاق الذي يتطلبه الأمر ودائما ما يندهشون من هذه العملية بمجرد شرحها لهم.
وبقدر ما هو عمل شاق، ما أُبقيه دائما في ذهني هو أن النجاح أبعد ما يكون عن السهولة وطالما أفعل شيئاً أنا عاشقة له، فلا يمكن أبدا أن يكون خياراً خاطئاً. كل قرار خاطئ أو فاشل أخذته يتبعه درس للمستقبل وطريقة لجعل علامتي التجارية تنمو، وإلا كيف سأصل إلى هدفي إن لم يكن عن طريق الإيمان به بكل ما أملك؟
AddThis is disabled because of cookie consent


أحــــدث الــــــمـقـالات
خمس أسرار وددت لو عرفتها في سن الخامسة عشر
رسالة أرسلها لذاتي المراهقة... لعلها تَتَحرر مما هي فيه.
آية أحمد
سألنا نساء حضرن صفوف دعم الأمهات عن تجاربهن
”اعتادت الفتيات على تلقي النصائح في تجربة الأمومة الأولى من السيدات الكبار ولكن للأسف لا تكون معلوماتهن دائماً صحيحة
هدير الحضري
دليلك للتعامل مع دولابك المكدّس بالملابس