رسوم هلا العباسي 

تتنوع الإطلالات بجميع تصاميمها بدءًا من الثياب المرقطة والخطوط الطولية وحتى المربعات والأشكال الهندسية والورود، والتي نستمتع جميعًا بارتدائها بمختلف الإطلالات الكلاسيكية أو العصرية. ولكن كيف انطلقت هذه الرسومات والتصاميم لتكون الرائدة في مجال الأزياء؟ ما هي قصة كل تصميم؟

دعونا نلقي الضوء على بدايات ظهور أهم التصاميم وسبب استمرار شعبيتها بعد عقود على انطلاقها.

 

أهم الصيحات الرائجة

النقش المرقط - البولكا دوت (Polka Dot):

هنالك الكثير من الجدل عن بدايات البولكا دوت أو النقش المرقط في عالم الأزياء. بحسب موقع Fashionologia Historiana فإن هذا النقش كان رائجًا في القرن التاسع عشر خاصةً في 1840 حيث كانت منتشرة على الأوشحة والمناديل وربطات العنق. ووفق South Sound Magazine فإن أول مرة يتم فيها إدراج البولكا دوت في مجلات الأزياء كان في عام 1857 في مجلة نسائية في ولاية فيلادلفيا الأمريكية عرفت باسم (Godey’s Lady’s Book). وبعد انطلاق الثورة الصناعية، أصبح من السهل تصنيع أقمشة بكميات كبيرة من البولكا دوت. وفي عام 1926 تم تتويج ملكة جمال الولايات المتحدة مرتديةً بدلة سباحة مرقطة، الأمر الذي أضاف إلى شعبية هذا النوع من القماش. وبعد عامين، أطلقت شركة والت ديزني شخصيتها الكرتونية الشهيرة (ميني ماوس) وهي مرتديةً فستان مرقط في عام 1928. (المصدر: www.cosmopolitan.com)

وبين الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، أطلقت شركة كريستيان ديور Christian Dior مجموعة باسم (New Look) يتصدرها فستان أسود مرقط بالأبيض. والآن أصبح نقش البولكا دوت رائج بشكل كبير للأطفال والكبار. (المصدر: www.southsoundmag.com)

 

نقش المستطيلات (Plaids):

وفق ما جاء في موقع Historic UK فإن النقش المستطيل ظهر في اسكتلندا وهو يمثل الانتماء إلى القبائل الاسكتلندية والعائلات الحاكمة البريطانية. ويتميز النقش المستطيل بتنوع الألوان والمستطيلات والخطوط الطولية العريضة والضعيفة الغير متطابقة، وكان يتم تلوينها طبيعيًا بالنباتات والأشجار. وأشار موقع Fashion Angel Warrior أن هناك نقوش مستطيلة ذات أصول هندية تُعرف باسم مدراس (Madras) والمشهورة بألوانها المبهجة. ومن جهة أخرى، اشتهر هذا النوع من النقش في الأعراس السودانية والذي يسمى بفركة القرمصيص، وهي قطعة من القماش الناعم التي تغطي العروس. ولكن قمن بعض المصممات السودانيات باستخدام هذا النوع من القماش لتصميم أزياء عالمية حديثة مثل يسرا الصادق والتي أطلقت علامة (Boutique De Nana) في المملكة المتحدة ولينا المنصوري التي أطلقت علامة (La Leenah) في الإمارات العربية المتحدة. 

 

نقش الزهور:

تتفاوت نقشات وتطريزات الزهور وتذهلنا الطلات الصيفية والأنيقة المزهرة والمطرزة، ولكن كيف تطورت الزهور والورود في عالم الأزياء؟ بحسب الدراسات، فإن أول من استخدم الورود لتزيين الأزياء هم المصريين القدماء. وأشار موقع Fashionologia Historiana أن العامة في الحضارة المصرية كانوا يحيكون الورود لتكون كالحلي والإكسسوارات وتزيين الحفلات والفعاليات الضخمة، وبناءً عليه، استوحت الحضارات البيزنطية والإغريقية والرومانية هذا الأسلوب ليصنعوا تيجان وأكاليل من الزهور ليتزين بها الرجال والنساء على حدٍ سواء. وفي القرنين الخامس والسادس عشر، بدأ التجار الإيطاليون بتجارة الأقمشة المخملية ذات تطاريز الورود من الدولة العثمانية، ومنها انتشرت هذه الإطلالة عبر القرون إلى أن انطلقت الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، الأمر الذي ساعد على انتشار نقش الزهور والورود بكثرة في الإطلالات اليومية للنساء. أما في القرن العشرين والـ21، فقد انتشر نقش الزهور في الأحذية والملابس الداخلية وأغطية الرأس والوشاحات.  

 

النقش الأزتيكي (Aztec):

يُعد هذا النوع من الأقمشة والرسم من الأنواع العريقة النابعة من إمبراطورية الأزتيك التي تواجد سكانها (قبائل الناهاو) في الأمريكيتان، وخاصةً في وسط المكسيك. واعتبرت رسومات الأزتيك هي رموز للتواصل إذ لم يكن هناك لغة مكتوبة لقبائل الناهاو، لذلك عززت أهمية هذه الرسومات والمعاني.  

 

تصاميم تحمل معانِ ثقافية وسياسية

رسمة زي الجيش - الكاموفلاج (Camouflage): 

يأتي اسم كاموفلاج من معنى التمويه أو الإخفاء، حيث أن نقشة زي الجيش كما نعرفها كانت تستخدم لإخفاء أسلحة الحرب قبل أن تصبح الزي الرسمي للعساكر. ولكن متى أصبحت صيحة رائجة في عالم الأزياء؟ أصبح زي الجيش أو الكاموفلاج (Camouflage) مشهورًا بعد حرب فيتنام الشهيرة، حيث اتخذه المعارضون للحرب رمزًا للمطالبة بإنهائها وذلك في أواخر ستينات القرن الماضي، وعادت صيحة زي الجيش بعدها وبشدة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي لكل من النساء والرجال. 

 

الكوفية (Dog Tooth):

أغلبنا يعرف أن الكوفية مرتبطة بالتراث الفلسطيني والقضية الفلسطينية، حيث أنها انتشرت بشدة ابتداءً من عام 1936 بغرض مواجهة الاحتلال البريطاني وذلك بحسب ما ورد في موقع الحدث. وفي الستينات، رجعت الكوفية لتمثل نضال الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، واجتاحت الآن الكوفية تصاميم الشركات العالمية مثل شركة Cecilie Copenhagen الدنماركية. 

 

تاريخ يجب أن يسرد… ويدرس

عندما سألنا بعضًا من مصممات الأزياء والمؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي عن مدى وعي مجتمعنا العربي. تفاوتت الآراء، حيث ترى بتول العقاد - 28 عامًا، وهي مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي في مجال الأزياء والتجميل في الإمارات، أن الوعي عن نقوش وتصاميم الأزياء ارتفع بشكل كبير بين النساء في المجتمع العربي خاصةً مع انتشار الفاشيونيستات أو مؤثرات التواصل الاجتماعي.

 

 

أما بالنسبة للبعض، فهم يرون أن هنالك مشوار طويل من هذه الناحية، فمن جهتها تعتقد ابتهال الكنزي - وهي مصممة أزياء سودانية ومؤسسة لعلامة إي كاي غاليريا (EK Galleria) في الإمارات ومنسقة لاتحاد الشباب الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - أنه يجب رفع الوعي وتعزيز التعليم عن تاريخ حركة الأزياء. وأضافت الكنزي: "أقترح أن تضاف مواد فنية عن تاريخ الأزياء مع التركيز على الأزياء العربية". كما تطمح ابتهال بأن ترى المزيد من الأزياء المصممة من وحي الخط العربي والأصول الأفريقية.

 

 

ومن جهة أخرى، أكدت عزة قاسم - 27 عامًا، وهي فنانة ومصممة جرافيك ومصممة أزياء سودانية مقيمة في المملكة المتحدة ومترددة على دبي والإمارات، وأنشأت علامة عزة أربانيستا (Azza Urbanista) - على أهمية التعلم عن تاريخ النقوش والرسمات المختلفة في عالم الأزياء: "أشعر بالامتنان لأنني حظيت على فرصة التعلم عن تاريخ الأزياء في جامعة إسمود (Esmod International)، حيث أن كل نوع من النقش والأقمشة يحمل قصة، الأمر الذي ساعدني أن أعبر عن هذه الثقافات والقصص عن طريق تصميم الأزياء". 

ومن منظورها، تؤمن عزة بأهمية إدارج الأقمشة القبائلية والملونة أكثر إلى عالم الأزياء، لأنها تساعد الكثير على أن يكونو أكثر جرأة وقدرة على التعبير عن أنفسهم. 

 

 

وأنتي عزيزتي القارئة، ما هو التصميم أو النقش المفضل لديكِ؟ نتمنى أن تكون هذه المعلومات بداية لتحريك أي شغف بداخلك عن التصميم والفن والأزياء، ونطمح أن يكون هناك المزيد من المختصين في سرد تاريخ الأزياء العربية في يومٍ ما.