المقالات الأكثر قراءة
الجمال العربي: صور نساء يحتفين بالأنف الأعوج البارز
Article Details
الجمال العربي: صور نساء يحتفين بالأنف الأعوج البارز
حددن معاييرهن، بعيدًا عن الإطار النمطي للجمال.
آية أحمد
نوفمبر 26, 2020
تصوير آية أحمد ومريم الوزان
أنا اسمي آية، وأنفي كبير. كان أنفي محض الكثير من النكات والتعليقات. أؤكد لكِ أنكِ لن تستطيعي إبهاري بأي تعليق "ظريف"، فلقد سمعتها كلها، بل شارعت أيضاً في كتابة نكاتي الخاصة عن أنفي: فلديكِ "مناخيرك كبيرة أوي ممكن تطيري"، "إيه ده أنا ممكن أشوف مخك من عندي"، "أكيد بتشمي أسرع من كبرها"...
المشكلة لم تكن في التعليقات أو في تصالحي معها، بل كانت في تسارعي في إلقاء النكات عن نفسي. فكان مبدئي: "إزاي هتضحك عليا إذا أنا اللي قولت النكتة". ومع تقدمي في العمر، أصبحت عضوة مهمة في حملة النسوية، أشن حروبي على كل المفاهيم المغلوطة التي تعيشها المرأة العربية، إلا موضوع "الجمال"، فكنت أؤمن بأن أي معركة أشنها بهذا الأنف خاسرة لا محالة.
لم هذا التناقض الشديد؟ لِم تمكن هذا الشيء السطحي مني؟ فهل أنفي هو هويتي؟ هل أنفي مرآة شخصيتي؟
هل منظورنا عن الجمال كنساء الـ2020 تغير، أم مازال سطحي ومرتبط بهذه الصور النمطية التي توارثناها؟ هل مفهومنا عن معايير الجمال هو مُخلف آخر من مُخلفَات الاحتلال؟ لِما تحمل تضاريس وجهي مفاتيح جمالي كامرأة عربية؟

قد يتفق معي الكثير بأن "الملامح الجميلة" أو "الجمال" بشكل عام هو أمر موضوعي بحت، لما في معايير الجمال من تفاوت، فما قد تراه ثقافة جمالًا أخاذ، قد تنفر منه ثقافة أخرى. ولكن عند بحثي أكثر في الموضوع، أوقفني مدى اختلاف معايير الجمال الشرق أوسطية عن ملامح نسائها. وبالرغم من سمار الكثيرات، الشعر الكيرلي، والملامح الأخرى البارزة للمرأة العربية، تربعت على عرش "الصورة النمطية للمرأة الفاتنة في العالم العربي" امرأة لا تمت ملامِحُها لملامح المرأة العربية بِصلة. فمنذ الثمانينات إلى أوائل الـ2000، ارتبط منظورنا للجمال الأخاذ بمعايير محددة روج لها الإعلام، فالفاتنة هي تلك ذات الملامح الصغيرة المرسومة، الخصر النحيف والبشرة البيضاء، والشعر الطويل الأشقر الناعم، وياه لو كانت عيناها زرقاء أو خضراء… فول باكج!
كفتاة سمراء، ذات ملامح أفريقية كبيرة، كانت ولا تزال هذه المعايير المجتمعية بعيدة كل البعد عما أراه في مرآتي، بعيدة كل البعد عن ملامح والدتي، جدتي، صديقاتي، وعن النساء التي أراها يوميًا على وسائل التواصل الاجتماعي.
أُدرك أننا نشهد اليوم إسقاط فريد من نوعه لهذه المعايير اللاواقعية، حيث فرض توثيقنا اليومي لأنفسنا على وسائل التواصل الاجتماعي جمالنا وفرديتنا على الكثير من العلامات التجارية، وأصبحت الملامح المُرتدة عن "البيضة الحلوة المقطقة" على أغلفة المجلات، وعلى اللافتات عالميًا. لذا أردت أن آخذ سؤالي لفتيات في العالم العربي، لأبحث معهن عن مفهومهن الخاص لجمال أنوفهن:



مريم الوزان، 32 سنة، مهندسة وباحثة أكاديمية في الفن والعمارة
"كطفلة ومراهقة، وحتى كعشرينية، تشكل مفهوم الجمال لدي من المحادثات والتعليقات التي كنت أسمعها في مجالس النساء. فملامح وجه فلانة كانت جميلة، أو أخرى كان "بياضها باهت"، "فمها موّرد كأنها حاطه أحمر شفاه"، "عيونها كبار كعيون الغزال"، "أنفها صغير أو مسلول مثل السيف"، "تشبه العروسة في جمالها" والكثير غيرها. ومن هنا أصبح مفهومي للجمال مزيج بين ثقافة المقارنة وما توارثته من مفاهيم "مجالس النساء".
في السابق كان البياض مقياس جمال عالي بالنسبة لي وغيرها من ملامح وجه محددة ودقيقة والحاجب المرسوم والشعر الكستنائي الفاتح والرموش الداكنة الطويلة والفم الممتلئ والأنف الصغير الخالي من أي اعوجاج، وغيرها.
ربما لا أتفق مع ارتباط حجم الأنف بجمال المرأة، ولكن أتفهم لماذا يظن البعض عكس ذلك، وهو ربما نتاج ربط فكرة الحجم الكبير بالذكورية والصغير بالأنوثة في أمور ترتبط بالأنف ولكن لا تقتصر عليه، بل أيضاً تشمل الأذن وأصابع اليد أو حجم القدمين وأحيانًا الخصر، كما هو الحال عندما أصبح الشعر القصير حكرًا على الرجال بينما الشعر الطويل حكرًا على المرأة. هذه مقاييس من صنع أذواق مختلفة سادت مع الأسف! وبلا شك لوسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات دور كبير في تشكيل وترسيخ هذا المفهوم.
لقد فكرت في عمل عملية لتجميل أنفي، بعد أن مازحني شخص "أنفك كبير!". في لحظتها ضحكت وأخذتها بدافع المزاح لا أكثر، لكن في الأيام التي تلت هذه الحادثة بدأت أنظر لنفسي في المرآة بشكل مختلف جدًا، وكأني لا أري إلا أنفي وبحجم مختلف تمامًا عما كنت أراه. كنت على وعي تام بردة فعلي وتأثير "مزاح" هذا الشخص علي، وخلال فترة ليست بطويلة كنت دائمة التفكير في تصغير أو تعديل أنفي وبدأت باستخدام الفلاتر التي تغير من شكل الأنف وتهذبه بشكل أو بآخر، ولكن استطعت أن أتجاوز هذه المرحلة من خلال مشاريعي الفنية في التصوير الذاتي، فكنت أتعمد استخدام صور تُظهر أنفي بشكل بارز إلى أن تحول العند والإصرار إلى حب الذات، وبدأت أعجب من جديد بأنفي.
شخصيًا، وبعد مروري بمرحلة طويلة من الاستشفاء (الديتوكس)، تخليت عن كل هذه المعايير المتوارثة، وأصبحت أرى في الاختلاف جمال آسر، فيبهرني سمار بشرة أحدهم أو الجاذبية التي يضيفها اعوجاج أنف آخر وغيرها الكثير، بعد أن أحسست بإرهاق شديد في اهتمامي المفرط بمجاراة مقاييس الجمال حولي. كنت في محاولة دائمة وسعي مستمر للكمال! لذلك أخذت على نفسي عهد أن أبدأ بحب وتقبل ما أملك بدون الشعور بلزوم المجاراة وقولبة نفسي في حدود صُنعت بيد غيري، فأنا اليوم أؤمن بأن "الطاقة" هي معيار الجمال الوحيد، فنحن "نشعر" بالجمال "لا نراه"،a كلٌ منا يستشعر وجوده بشكل مختلف".



أمان درويش، 25 سنة، مصممة جرافيك
"أعي تمامًا مدى اختلاف تعريفي للجمال وملامحه عمن حولي. بالنسبة لي، تفرُد المرأة وتصالحها مع هذا الذي يميزها عن غيرها، هو الجمال بعينه، فأنا أرى الشعر الكيرلي حلو، بالرغم من اعتقاد الكثير أنه مش أحلى حاجة.
عندما أرى فتاة تحب شعرها، ومتصالحةً مع جماله، أراها جميلة؛ فالثقة بالذات واحتفال الفتاة بجمالها المتفرد، يجعلاها في نظري جميلة. حتى لو كانت هذه الملامح، كالأنف الكبير، لا تتفق مع معايير الجمال المُتعارف عليها، حب المرأة لذاتها يضيف لملامحها رونقًا خاص.
لم تكن رحلتي للتصالح مع الذات سهلة، ففي صغري لم أكن ممن يُصنِفنهن بـ"الجميلة"، فاعتدت أن أقف أمام المرآة وأجلد ذاتي على كل ما هو مختلف في شكلي، مثل "أنفي الأعوج"، "جبهتي البارزة"، و"العيوب" الأخرى التي أشار لها من حولي.
مللت محاولاتي في مجاراة من حولي، فقررت أن أكون "أنا"، ولكي أكون "أنا"، قررت أن أختار لذاتي كل تفاصيلي، كأن أحتفل بشعري الكيرلي مثلًا. اكتشاف المرأة لذاتها هو ما أؤمن بأنه أحد أهم خطوات رحلتها للنضوج، وأهم ما تعلمته في نضوجي، هو تغييري لطريقة محادثتي لذاتي، فتصالحي مع ذاتي كان مفتاحي لعثوري على جمالي الحقيقي. طبعًا هذه المرحلة لم تكن سهلة، فأنا أختلف كثيرًا عما كنت أظنه جميلًا: بشرتي سمراء، شعري كيرلي، ولكن لم تعد معايير من حولي أو ما يظنونه جميلًا يؤثر في قراراتي واختياراتي لنفسي. ووصلت لقناعة أني "جميلة"، فأنا التي أصنف نفسي كواحدة من الجميلات.
وهذه الثقة، هذا التصالح، يجعلكِ مميزة، جذابة، وجميلة.
لن أكذب عليكِ طبعًا ما نراه يوميًا من "كمال" بعضهن على هيئة التواصل الاجتماعي، قد يُحيي فينا بعضًا من هذه المخاوف المدفونة، ففي مرحلة من المراحل فكرت في نفخ شفاهي فعليًا، وطبعًا قمت ببحثي ووجدت العيادة المناسبة، إلا أني دائمًا ما كنت أعود لمرآتي وأتراجع عن هذه الأفكار فأنا أحب انعكاسي كما أنا.
وبصراحة، ساعدني أيضاً موجة من التقبل الجديد والمنعش للجمال المتفرد، والملامح العربية الفريدة حولنا، فأنا أرى اتساع هائل لمفهوم الكثير ممن حولي لمعايير "الجمال". أنا أؤمن بأننا كنساء عربيات نعيش مرحلة رائعة من التقبل والتصالح مع الذات، وهذه مجرد البداية".



آية شيحة، 27 سنة، مديرة قسم العلاقات العامة والتسويق
"الجمال بالنسبة لي لم يعني أبدًا جمال الشخص السطحي، ولم يرتبط مطلقًا بتلك المعايير المصطنعة التي تغرسها وسائل الإعلام في أذهاننا. من وجهة نظري، الجمال الحقيقي هو انعكاس لمدى جمال روح الشخص. فجمال ملامح الوجه ليس سوى انعكاس لجمال النفس، وعفة القلب، وشفافية الروح. وجمال هذه الملامح الداخلية ينعكس على طريقتنا في المحادثة، وطريقتنا في التفكير، وفي ثقتنا بنفسنا، وبالتالي في الطاقة التي نبعثها لمن حولنا. وفقط عندما تكتمل هذه الملامح يكتمل جمالنا الخارجي. لم تكن رحلتي في الوصول لهذه القناعة أو الفلسفة سهلة، بل كانت نتاج رحلتي الشخصية في التصالح مع الذات، فقد كانت لدي شكوكي الخاصة في جمالي الخارجي: أنفي كان كبير بمعايير من حولي، إذ كنت أتلقى تعليقات من أقرب الناس، والديّ... ومن أكثر التعليقات التي لازمتني عندما قال لي والدي: "يعني كل حاجة عندك جميلة الحمد لله ما عدا مناخيرك". في مرحلة المراهقة قد أكون تأثرت ببعض هذه التعليقات، وحاولت فعلًا أن أُقوّم مقدمة شكل أنفي عبر وضع مشبك، ظننًا مني بأنها طريقة "طبيعية" لتصغير الأنف في البيت، طبعًا أنا بضحك كل ما أفتكر!
لم تردني فكرة عمل عملية لتجميل أنفي، لما فيها من تغيير لتناسق ملامح الوجه الطبيعية. وها أنا اليوم أؤمن بأهمية الرضى بخلق الله، تتبعها أهمية الثقة بالنفس والتفكير الإيجابي. فالقناعة والثقة يبعثان مني طاقة إيجابية تهلل "أنا جميلة" ويمكن استشعارها من أول نظرة".
AddThis is disabled because of cookie consent

أحــــدث الــــــمـقـالات
خمس أسرار وددت لو عرفتها في سن الخامسة عشر
رسالة أرسلها لذاتي المراهقة... لعلها تَتَحرر مما هي فيه.
آية أحمد
سألنا نساء حضرن صفوف دعم الأمهات عن تجاربهن
”اعتادت الفتيات على تلقي النصائح في تجربة الأمومة الأولى من السيدات الكبار ولكن للأسف لا تكون معلوماتهن دائماً صحيحة
هدير الحضري
دليلك للتعامل مع دولابك المكدّس بالملابس
سألنا النساء عن نصائحهن لتحصلي على دولاب مريح لأعصابك ومناسب لاحتياجاتك.
هدير الحضري

أحــــدث الــــــمـقـالات
خمس أسرار وددت لو عرفتها في سن الخامسة عشر
رسالة أرسلها لذاتي المراهقة... لعلها تَتَحرر مما هي فيه.
آية أحمد
سألنا نساء حضرن صفوف دعم الأمهات عن تجاربهن
”اعتادت الفتيات على تلقي النصائح في تجربة الأمومة الأولى من السيدات الكبار ولكن للأسف لا تكون معلوماتهن دائماً صحيحة
هدير الحضري
دليلك للتعامل مع دولابك المكدّس بالملابس