المقالات الأكثر قراءة

في لقاء الجميلات: بدايات قاسية، ونهايات سعيدة
Article Details
النمش والبثور وحب الشباب: لماذا نخشى أن نشبه أنفسنا؟
لماذا نحارب الجمال الحقيقي؟
شيماء جلهوم
March 10, 2020
على إحدى المجموعات النسائية عبر الفيسبوك، تساءلت "ن.س." عن كيفية إزالة الحبوب والبثور والبقع من بشرتها، لم تكتفي بالسؤال فقط، لكنها أيضاً وضعت صورة لإحدى عارضات الأزياء وكتبت: "هو أنا أبقى شبه دي إزاي؟"، كثيرات اعتبرن السؤال عاديًا، وبدأن في إعطائها النصائح، وكيفية عمل روتين يومي لتحسين بشرتها، أو إدخار مبلغ شهري، والذهاب لعيادة ليزر تتكفل لها باستعادة بريق بشرتها الآفل، بينما إجابات قليلة تناثرت بين آلاف الردود، سعت لجعلها تتقبل نفسها كما هي: "حبي نفسك… هتشوفي نفسك جميلة"، لكن على الأغلب لم يلتفت أحد.
السمار نصف الجمال لكن البيضاء أولى
حينما تبدأ البحث عن كلمة "البشرة"، عبر مؤشر البحث جوجل، تأتيك النتائج بأنواع عديدة للبشرة، حنطية وبرونزية وسمراء، ومختلطة وجافة ودهنية، آخر ما تقع عليه عيناك في نتائج البحث هو البشرة البيضاء، لكنها لم تكن أبدًا آخر اهتمامات الفتيات، كما كانت لدى جوجل. تحتل البشرة البيضاء مقدمة أولويات "نورا"، 25 عام، وتتذكر أنها في سنوات مراهقتها كان يضايقها إسمرار بشرتها، فكانت تستعين بكريمات التفتيح لنيل لون أفتح لوجهها في 14 يوم، لم ينجح الأسبوعان في الإتيان لنورا بالنتيجة المرجوة. استكملت شهر، ثم شهران، حتى لاحظت أن بشرتها جفت ولم تنل أبدًا درجات لون مختلفة، فالبشرة ذات اللون الأسمر لم تكن "تريند" مثلما هي الآن، ولم يكن الاحتفاء بالفنانات ذوات البشرة البرونزية كثيرًا كما هو الحال هذه الأيام، فكانت نورا تعاني من لونها الأسمر؛ مضايقات بالشارع ومضايقات في التجمعات العائلية: "يا سلام لو كنتي بيضا شوية"، خسرت خطبتها قبل عامين من أجل جملة قالها الرجل القادم عبر صالون الأقارب: "أنا كان نفسي مراتي تبقى بيضا… بس إنتي كويسة وبنت أصول"، اكتفت بنت الأصول بإعادة خاتم الخطبة، ثم قررت أن تتخلص من قشر الليمون المعبأ بالثلاجة لاستخدامه في ماسكات تفتيح البشرة.
حب الشباب أثر لا يزول
مليون ونصف مشاهدة لفيديو يشرح عبر يوتيوب، كيف تتخلصين من حبوب البشرة بأقل التكاليف، التكاليف مرهقة بالفعل، فلا يعرف الرجال، أن "منة" (30 عامًا)، تنفق أكثر من نصف دخلها الشهري، على كريمات وماسكات تحسين البشرة وعلاجها من الحبوب وآثارها، لكن لا أحد يعرف أن فيديوهات تحسين البشرة تحتل قائمة تفضيلات "منة، في بحثها عبر شبكة المعلومات عن حب الشباب، الهاجس الذي طاردها منذ المراهقة، فبشرتها دهنية، مما يعني أن حب الشباب سيصبح معركة طويلة الأمد، وعلاج طبي طويل أتى بثماره لكن للأسف ظل الأثر يطارد الفتاة الثلاثينية في شبابها ونضوجها: "أنا أحب نفسي بالفعل، لكن تنهار ثقتي بها عندما ألاحظ أن هناك شخصًا ما يتفحص بشرتي"، لسنوات ظلت منة تطارد حبوبها ثم آثارها وتخشى أن يتقدم بها السن فتصبح تطارد شبح النمش، الذي ملأ وجه أمها حين شارفت على إنهاء عقدها الأربعين، حساسية بشرة الفتاة الثلاثينية دفعتها للاعتماد على العلاجات الطبية، ورغم التكلفة الكبيرة إلا أنها كانت الأكثر أمانًا لها؛ فهي الفتاة المثقفة، القارئة، التي لن ترمي وجهها لطرقات الإنترنت، لكن ذلك لم يمنعها من البحث: "زمان كنت بجرب الوصفات وبشرتي كانت تعاني منها، ولكن مع ازدياد خبرتي أصبحت أعرف ماذا سيفيدني وماذا سيضر"، تسعى منة لتقبل بشرتها بحلوها ومرها، ومع مرور السنوات، أصبحت أقل تعصبًا جراء ظهور الحبوب الشرعية في كل شهر مع موعد الدماء؛ الموسم الذي يتغير فيه مزاجها فقط بسبب الهرمونات، فرُفع الذنب عن الحبوب.
هند والفولورز وماسكات التجميل
"مين اللي ما يحبش هند؟"، مؤكد أن قارئات هذه القصة لا يعرفون هند، كذلك كنت أنا، حتى عرفتها مصادفةً من متابعتي لقصص نجاح النساء في استعادة صفاء بشرتهن. سنوات من الإهمال واللامبالاة، استطاعت هند أن تمحو أثرهم في فيديوهات قليلة، حملت على عاتقها أن تصحح بها مسار حياة هؤلاء النسوة، رافعةً شعار" بشرتك أهم"، تكفلت فيديوهات هند بوصفات طبيعية مختلفة لإزالة الحبوب والنمش والبثور وآثار الزمن، لكن هذا لن يحدث في مرة واحدة، عليكي أن تضغطي زر المتابعة على قناة اليويتوب الخاص بها لتصلك أحد فيديوهاتها، وبمداومة المشاهدة تتحقق المعجزة وتنتشر صورتك التي تقارني بها ذاتك قبل وبعد. فيديوهات هند، صورة إيمان، لفتت انتباهي بشدة، فصورتها قبل وصفات هند، كانت توحي بامرأة أربعينية هرمة، بينما تغير الأمر كليًا في الصورة التالية، وأضحت الصورة لفتاة في العشرينات من عمرها بفضل هند، التي أكدت في حديثها لمرآه أنها لا تفهم أن تتقبل الفتاة نفسها وهي تعاني من نظرة المجتمع حولها: "احنا مش في أوروبا والناس كلها هنا بتشوف بعض وتعلق وتتدخل في أدق التفاصيل، وأنا مش هقبل نفسي لو مكنتش حلوة في نظر الجميع، واللي بيتكلموا عن تقبل العيوب في البشرة والجسم، يعيشون في عالم آخر".
"حبي نفسك": سر فاطمة عبد السلام
على عكس هند كانت فاطمة عبدالسلام، اليوتيوبر المصرية الشهيرة، التي اشتهرت بفيديوهاتها الساخرة لكنها لم تكمل في مسارها الناقد للمرأة، متحولةً لسياق مختلف، لم يعد فيه النقد والسخرية هو الهدف من الفيديوهات، لكن التقبل وحب الذات هو الأبقى؛ كيف خسرت 20 كيلو من وزنها، كيف توقفت عن التدخين بعد عشرين عام، صابون زيت الزيتون كروتين بشرتها اليومي، بقصة شعر boy cut، وخطي التجاعيد على جانبي شفاهها؛ تغير فاطمة من الصورة النمطية للمرأة، فهي لا تسعى للجمال، لكن الجمال هو من يسعى إليها، وكتبت فاطمة على صورتها: "حبًا في خطوط وعلامات الوجه… وخاصةً خطين الفم لأنهم مكان الابتسامة"، بينما كتبت تعريفًا لها على صفحتها في موقع التواصل "فاطمة عبدالسلام… بشر… أو هكذا أظن"، رغم إنجليزية التعريف الفيسبوكي، إلا أن روح فاطمة الشرقية تظهر في كل مرة تطل فيها عبر فيديوهاتها، التي تحكي فيها عن تجاربها للتجميل بماء الورد.
ليست فاطمة الوحيدة التي أحبت وجهها وجمالها الفطري بخطوطه وبثوره، لكن هناك أخرى أحبت نمش وجهها وعرفت أنه سر تميزها فلم تحاربه، "مروة رضوان"، المصرية صاحبة التجارب العديدة، لتحسين وضع المرأة في مصر وتغيير نظرة المجتمع لها، فعملت في بنزينة، ووقفت في مقهى، وتخلت عن الشكل التقليدي للفتاة، فقصت شعرها، ولم تداري نمش وجهها، ودرست الأنثروبولوجيا، وكانت سببًا قويًا في تقبل الكثيرات لبثورهن البنية على بشرتهن الفاتحة، عانت مروة في بداية ظهورها من تنمر الكثيرون بها وبوجهها الذي يشبه الشمس، لكنها لم تغرب أبدًا، وبقى النمش على جسدها يطارد هند.
AddThis is disabled because of cookie consent


أحــــدث الــــــمـقـالات
خمس أسرار وددت لو عرفتها في سن الخامسة عشر
رسالة أرسلها لذاتي المراهقة... لعلها تَتَحرر مما هي فيه.
آية أحمد
سألنا نساء حضرن صفوف دعم الأمهات عن تجاربهن
”اعتادت الفتيات على تلقي النصائح في تجربة الأمومة الأولى من السيدات الكبار ولكن للأسف لا تكون معلوماتهن دائماً صحيحة
هدير الحضري
دليلك للتعامل مع دولابك المكدّس بالملابس